ملامح تحول التعليم في السعودية- رؤية، تحديات، وآمال

المؤلف: خالد السليمان10.11.2025
ملامح تحول التعليم في السعودية- رؤية، تحديات، وآمال

في ردهات ديوانية الجمعية السعودية القيّمة لكتّاب الرأي، والتي استضافتها مدينة جدة الغنّاء في الأسبوع المنصرم، ألقى معالي وزير التعليم يوسف البنيان الضوءَ على ملامح التحوّل الجذري الذي تقوده الوزارة الرشيدة في ربوع قطاع التعليم، والذي يطال البيئة المدرسية بكل تفاصيلها، والمناهج الدراسية بعمقها، وأهلية المعلم بكفاءتها، واختصاص الإدارة المدرسية بتميزها!

عرّج الوزير الموقر على الأثر الإيجابي لفصل مهام الوزارة عن المسؤوليات التشغيلية المضنية في صميم المنظومة التعليمية، حيث تم تفويض مهام التشغيل والصيانة الدقيقة والتجهيزات المدرسية المتنوعة إلى شركة تطوير للمباني ذات الخبرة، وذلك بهدف إدارة العمل بكفاءة أعلى، وعلى أسس مهنية أكثر اختصاصاً، وبإنجاز أسرع وتيرة، ووفق معايير تنفيذية فائقة الاحترافية والجودة!

اتسم الوزير بدبلوماسية معهودة وهو يجيب عن تساؤلات حول خطط الوزارة المستقبلية في الاستمرار بنظام الفصول الثلاثة أو العودة الحميدة إلى نظام الفصلين الدراسيين، مصرحاً بأن أيام الدراسة الفعلية ستبقى ثابتة عند ١٨٠ يوماً، وهو ما فهمت منه شخصياً أن قراراً قاطعاً لم يُحسم بعد، وأن القرار النهائي، أياً كان شكله ومضمونه، لن يُحدث تغييراً جوهرياً في عدد أيام الدراسة المحددة في الروزنامة المدرسية، ويحضرني هنا طرفة لطيفة من جلسة مناقشة الوزير في أروقة مجلس الشورى الموقر، عندما بادره رئيس المجلس الدكتور عبدالله آل الشيخ في ختام النقاش، داعبًا: اثنان أو ثلاثة؟ في إشارة ذكية ومختصرة إلى نظام الفصلين أو الثلاثة، فأجابه الوزير بابتسامة: مئة وثمانون!

ولم يغفل الوزير التنويه بقيمة المعلم الرفيعة في المجتمع، والأهمية البالغة للدور المحوري الذي يضطلع به في بناء صروح أجيال المستقبل الواعدة، وأشاد بجهود الوزارة الدؤوبة لتعزيز كفاءة المعلم اللامعة وأهليته المتميزة، مشيراً بإعجاب إلى الدور المحوري الذي يلعبه المعهد المهني المتخصص في هذا السياق، ويطيب لي هنا أن أكرر ما صرحت به ودوّنته مرّات عديدة، من أن مهنة المعلم هي من أنبل وأجلّ المهن على مر التاريخ الإنساني العريق، فالمعلمون الأفاضل يسهمون بشكل فعال في بناء الأجيال الصاعدة وصناعة المستقبل المشرق ومد جسور المعرفة الوثيقة، حتى إن المعلم يكاد يكون صاحب المهنة الفريدة الذي تتعدى علاقته السامية بوظيفته حدود جدران فصله الدراسي وأسوار مدرسته الشامخة، فعلاقته بطلابه الأعزاء تمتد خارج هذه الحدود الضيقة، متبلورة في التأثير الإيجابي في بناء شخصياتهم القوية وتغذية عقولهم النيّرة وزيادة رصيدهم المعرفي الثمين، فهو شريك أصيل للوالدين الكرام في تربية الأبناء الأعزاء، بل وربما هو الشخص الوحيد الذي يشارك بفاعلية في تربية أبناء الآخرين!

في خضم هذا اللقاء المثمر ولقاءات سابقة أخرى، استرعى انتباهي أن الوزير البنيان يتمتع بشفافية عالية المستوى، ولديه تقبل كريم للنقد البناء وفهم عميق لواقع التحديات الجمة التي يعاني منها قطاع التعليم، وكل ما قد يحتاجه معاليه هو المزيد من الوقت الثمين لتحقيق رؤيته الطموحة على أرض الواقع!

وباختصار شديد.. أدرك الوزير المحترم والعاملون المخلصون في قطاع التعليم الفارق الأهمية أن هذا القطاع الحيوي يتصل اتصالاً وثيقاً ومباشراً بكل شرائح المجتمع دون استثناء، فكل فرد في المجتمع هو إما طالب علم مجتهد أو معلم قدير أو ولي أمر حريص، وأن هذا القطاع التعليمي يمثل ركيزة أساسية ومركزية في بناء المجتمع وتطوره وازدهاره، وبالتالي فهو لا يحتمل إطلاقاً الاجتهادات غير المدروسة والتجارب العشوائية، بل يتطلب العمل المرتكز على رؤية واضحة المعالم وخطوات واثقة وثابتة نحو المستقبل المأمول!

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة